• 0

    سلة المشتريات

🔹الذكاء الاصطناعي والمعلم الرقمي: هل يحل الحاسوب محل الإنسان؟

سلسلة التربية عبر التاريخ – الحلقة العاشرة

د.عبدالقوي القدسي

مدخل

حين نتأمل في مسيرة التعليم عبر التاريخ، نكتشف أن التعليم لم يكن يومًا منفصلًا عن تطور الإنسان واحتياجاته المتغيرة. فكما أن الإنسان الأول كانت حاجاته محصورة في الصيد وتدبير الغذاء، فقد زوّده الله بوسائل وأدوات مناسبة لذلك السياق. ومع مرور الزمن، تطورت تلك الحاجات، وأصبح الإنسان يطمح إلى رفاهية أعلى ومستوى معيشة أفضل، ما استدعى أن يتطور معه التعليم ليُحقق تلك الغايات.

التعليم والرقمنة: ضرورة لا ترف

اليوم، نحن نعيش في عالم تحكمه التقنية، ويُعد الإنترنت شريانًا رئيسيًا للحياة اليومية. في بعض الدول، تتوقف القطارات والطيران والمصالح الحكومية بمجرد انقطاع الإنترنت! فهل يُعقل أن يبقى التعليم بعيدًا عن هذا المشهد المتغير؟ بالطبع لا.

لقد أكدت منظمة اليونسكو في تقريرها “إعادة تخيل مستقبلنا معًا” (2022) أن التعليم الحديث يجب أن يتماشى مع التحولات الرقمية الكبرى، وإلا فإنه سيتحول إلى أداة غير فعّالة في تحقيق التنمية أو الرفاهية (UNESCO, 2022).

الذكاء الاصطناعي في التعليم: فرصة أم تهديد؟

هناك من يُبدي قلقًا بالغًا من دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجال التعليم، ويركز على أخطائه أو محدوديته أحيانًا في فهم السياق الإنساني أو مراعاة الفروق الثقافية. لكن هذا الطرح يغفل أمرًا مهمًا: الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن الإنسان، بل أداة في يده.

ففي تقرير لـ McKinsey & Company (2020)، أشار الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يُقصي المعلم، بل سيعيد تعريف دوره من ملقّن إلى موجه وميسّر وداعم نفسي واجتماعي للطلبة. وهذا ما تؤكده أيضًا معايير جمعية ISTE الدولية، التي تدعو إلى دمج الذكاء الاصطناعي كمساعد تعليمي، وليس كخصم للمعلم البشري.

المعلم الرقمي: الدور المتجدد

المعلم سيبقى أساس العملية التعليمية، مهما تطورت الأدوات. فهو الذي يزرع القيم، ويُرشد الطلبة، ويصنع العلاقات الإنسانية التي لا يمكن لأي خوارزمية أن تُجيدها. لكن عليه أيضًا أن يُطوّر نفسه ليفهم كيف يستخدم هذه التقنية بدل أن يُقاومها.

كما أن تقارير OECD (2021) تشير إلى أن مَن لا يواكب هذا التحول الرقمي، سيعيش “خارج عصره”، ولن يتمكن من إعداد طلاب قادرين على المنافسة في أسواق العمل العالمية.

دولنا النامية: هل نلحق بالركب؟

في بلدان مثل اليمن وغيرها، ما زال هناك فجوة رقمية مؤلمة، ومناهج قديمة لا تواكب عصر الذكاء الاصطناعي. لا بد لصانعي القرار أن يتفقوا على أولوية التعليم، ويتركوا الصراعات جانبًا. فاستمرار هذا التأخر قد يصنع عزلة مؤسفة ويخلق مشكلات اجتماعية واقتصادية مستقبلية (UNESCO Institute for Statistics).

الخلاصة :

• الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا للتعليم، بل فرصة لتطويره.
• المعلم لا يُستبدل، بل يُعاد تأهيله ليواكب العصر.
• على الدول النامية أن تُسابق الزمن لتحديث مناهجها وسياساتها التعليمية.
• التعليم يجب أن يخدم الإنسان ورفاهيته المتطورة، لا أن يُقيّده بماضٍ قد تجاوزه الزمن.

المراجع :

•   UNESCO (2022). Reimagining our futures together.
•   OECD (2021). AI and the Future of Skills.
•   McKinsey & Company (2020). How AI will impact teachers.
•   UNESCO Institute for Statistics.
•   ISTE Standards for Educators.

اترك تعليقاً

error: المحتوى محمي !!