مقدمة:
إن الوظيفة الأخيرة للإدارة هي وظيفة القيادة وهي التي تعتمد عليها المنظمات في تحقيق نجاحها أو وقوعها في مطبات الفشل. إن القيادة في منظمة الأعمال هي بمثابة الرأس من الجسد للإدارة ومثلما أن الإدارة هي بمثابة الرأس من الجسد بالنسبة لمنظمة الأعمال وبهذا فإن القيادة الناجحة تؤدي داء متميز وإنجاز أفضل. سنتطرق في هذا الفصل إلى مفهوم القيادة وسمات القادة ثم نستعرض أهم النظريات والمداخل التي تفسر موضوع القيادة وظهور القادة في منظمات الأعمال.
أولًا: طبيعة القيادة وسمات القادة Leadership Nature and Leaders Traits
إن القيادة والعملية القيادية تمثل محورا مهما في العملية والممارسة الإ>ارية حيث تشكل مع التنظيم والتخطيط والرقابة ممارسة متكاملة تعطي للمنظمة النجاح إذا ما أتقنت بكافة أبعادها. والقيادة في إطار الممارسة الإدارية هي عمليات إيحاء أو إلهام أو تأثير في الآخرين لجعلهم يعملون بالتزام عالي ومثابر لإنجاز وتأدية مهام مطلوبة منهم. وبهذا فإنها تهتم بكيفية بناء الالتزام وتحفيز الآخرين لدفعهم لاستخدام مهاراتهم وقابلياتهم في تنفيذ الأنشطة وتحقيق الأهداف. والقائد Leader هو الشخص الذي يؤثر إيجابيًا في سلوك الآخرين بدون استخدام قوة الإكراه أو الإجبار وأن هؤلاء الآخرين يقبلون به قائدا لهم. ولا يمكن عزل الممارسة القيادية بصفاتها الإيجابية عن القيادة كمفهوم إنساني يلعب فيه الفرد دورًا أساسيًا وإيجابيا في التأثير على الآخرين ويدفعهم إلى التزام عالي في الإنجاز ضمن نطاق الممارسة الإدارية بمختلف أنشطتها. وإذ نحاول أن نجعل من المدراء اليوم حاملين لصفات القيادة الإيجابية ومتسلحين بقدرات أكثر كفاءة في إدارة مواقف تتسم بالتعقيد والصعوبات الكبيرة. إن الوقت المتاح لإنجاز الأعمال أصبح قصيرًا بحيث يتطلب قيادة لها القدرة على جعل الإنجاز بأعلى درجاته في الأمد القصير في حين يلتزم الآخرون بتوجهات هذه القيادة للأمد البعيد. وهكذا فالقادة بالإضافة إلى كونهم ملهمين للآخرين فإنهم يتمتعون بمهارات اتصال وتفاعل وتحفيز وبناء فرق وقبول تغيير يستطيعون نقلها للآخرين بإيجابية وكفاءة.
* القيادة والإدارة Leadership and Management
إن القادة الكبار في عالم الأعمال اليوم هم قادة يمتلكون صفات عديدة تحمل طابع رسالي باعتبار أن الرسالة تمثل الرؤية الواضحة لعمل المنظمات في إطار مستقبلي يتسم بالتحدي والإنجاز. فالقيادة الرسالية Visionary Leadership تتصف بكونها مالكة لقدرة جعل المواقف واضحة ورؤية المستقبل وفهم للمتغيرات المختلفة التي يكتنفها مع معرفة الأفعال الضرورية الموصلة إلى هذا المستقبل بنجاح. ويمكن أن تكون هذه القيادة الرسالية مبدئية بتوجهاتها بحيث تعطي خصائص ترتبط بقدرات عالية على الإنجاز وقبول التغيير وإجراء الترتيبات اللازمة لكي تكون مجمل الأنشطة المنفذة محققة لأهداف المنظمة في المدى الطويل. إن القيادة برؤية واضحة تعني عمل ما هو مطلوب وأكثر من خلال جعل العاملين متحفزين عاليًا لمتابعة هذه الرؤية سواء بأعمالهم اليومية أو متابعة إنجازات ذات معنى ومغزى استراتيجية للمنظمة.
– مبادئ القيادة الرسالية Principles of Visionary Leadership
إن كل ما يحكم الممارسة الإدارية في منظمة الأعمال إذا امتلك مدراؤها بعدا رسالي هو الإنجاز العالي وتحقيق وتائر مرتفعة من الأداء. ويمكن الإشارة إلى بعض من المثل والمبادئ التي تتجسد في القيادة الرسالية بالآتي:
1. التحدي الدائم في العمل بمعنى الرغبة المستمرة بأن يكون المدير رائدا وأولا في كل شيء وكذلك مشجعا للإبداع وداعما للعاملين القادرين على تقديم وتوليد أفكار جديدة.
2. إظهار الحماس في كل المواقف التي تتطلب ذلك، بحث يكون هذا الحماس ملهما للآخرين لتقاسم رؤية مشتركة حول العمل والإنجاز.
3. مساعدة الآخرين في العمل والإنجاز بحيث يكون لاعبا رئيسيا في فريق العمل وداعما لجهود الآخرين وقابلياتهم في أن تستغل لأقصى ما يمكن.
4. يكون قدوة ومثالًا حسنًا لمرؤوسيه والعاملين معه بحيث يكون طابع الاستمرار هو السمة الرئيسية لهذا المثال وليس حالة عرضية تصطنع في مواقف معينة وتزول في مواقف أخرى.
5. الإشادة والاحتفاء بالإنجازات وتجلب الحماس والاندفاع إلى مكان العمل ويحرك العواطف والعقول باتجاه إنجاز وتحقيق الأهداف.
– القائد والمدير Manager and Leader
رغم أن هناك علاقة بين القيادة والإدارة إلا أنهما لا يعنيان نفس الشيء. فالشخص يمكن أن يكون مديرا، قائدا أو مديرا وقائدا. إننا نتكلم في كثير من الأحيان عن الدور القيادي للمدير حيث أن كلا المفهومين القيادة والإدارة مهمان لمنظمة الأعمال. إن المدير الفعال هو قائد أيضًا لأنه يتمتع بقابليات في الإدارة والقيادة يستطيع أن يضعها في خدمة المنظمة إن المهمة بالنسبة للمنظمة هو أن يكون كافة مدراؤها على مختلف المستويات متمتعين بخصائص القيادة الفعالة ويستطيعون أن يلعبوا الدور القيادي المطلوب منهم لإنجاز الأهداف. وبالتأكيد فإن هناك البعض من المدراء ممن لا يحملون هذه الصفات وأنهم مجرد مديرين يؤدون الأنشطة الإدارية بأسلوب لا يرتقي على أفضل ما يكون. والشكل التالي يوضح هذه الفكرة.
وإذا كانت الإدارة كممارسة وفعاليات وأنشطة تنصب أساسا على تحليل الموقف بشكل رشيد واستخدام التحليل المنهجي والمنظم لوضع الأهداف والاستراتيجيات وحشد الموارد في إطار تصميمات وهياكل رشيدة ورقابة مجمل هذه الأنشطة والوظائف كأحد أنشطة الإدارة الرئيسية. فالإدارة هي أوسع نطاقا حيث التركيز على الجوانب السلوكية وغير السلوكية في كافة القضايا المهمة بينما القيادة تركز أساسا على لجوانب السلوكية بشكل كبير. لذلك فإن امتلاك المهارات والقدرات الإدارية لا يكفي لوحده للنجاح في عالم الأعمال المعقد اليوم لذا فإن المديرون التنفيذيون يحتاجون معرفة الفروق الجوهرية بين أن تدير أو أن تقود. كذلك معرفة كيفية دمج الدورين الإداري والقيادي معًا لتحقيق النجاح للمنظمة. وإجمالا يمكن أن نوضح الفروقات بين القائد والمدير بالمقارنة التالية:
إن هذه المقارنة تساعد في البحث عن الخصائص القيادية الضرورية التي يفترض أن يتحلى بها المدراء لكي يؤدوا دورًا أكثر نجاحا في المنظمة. ويبدو من خلال هذه الخصائص أن التركيز من قبل الإدارة أو القيادة على بعض الجوانب أو الأنشطة المهمة في العمل ينصب في اتجاهات مختلفة لذلك يفترض أن يكمل بعضها بعضًا. ففي إطار أنشطة إعداد خطط وأجندات معينة يكون تركيز الإدارة على العملية التخطيطية والموازنات من حيث وضع خطوات تفصيلية والوقت المطلوب للحصول على النتائج المرغوبة ومن ثم استخدام الموارد الضرورية لتحقيق النتائج بينما تركز القيادة على تطوير رؤية مستقبلية واستراتيجيات لازمة لإحداث التغيير الضروري باتجاه هذه الرؤية. كذلك وفي إطار أنشطة تنفيذ الخطط تركز الإدارة على الرقابة وحل المشكلات من خلال مراقبة النتائج قياسًا إلى ما هو وارد في الخطط بشكل تفصيلي ومعرفة الانحرافات لغرض حل الإشكالات، أما في إطار نفس الأنشطة فإن القيادة تركز على التحفيز والإيحاء والإلهام للأفراد وبوسائل متعددة. إضافة إلى ما تقدم تجدر الإشارة إلى اختلاف مصادر القوة لكل من المدير أو القائد. فالمدير تنبع سلطته غالبًا من موقعه الوظيفي وبهذا فإن له الحق الشرعي في إعطاء المكافآت أو إيقاع العقوبات أما القائد فإن له قوة شخصية ذاتية تنبع من كيفية رؤيته للآخرين وتعامله معهم ومستندة أساسا على الخبرة والمعرفة وتشير إلى رغبة الآخرين بالعمل في إطار قيادته وتوجهه كما موضح في أدناه.
* التأثير والقوة Power and Influence
لمعرفة مفهوم القيادة بشكل جيد لا بد من معرفة كل من مصطلحي التأثير والقوة. فالتأثير Influence هو محاولة تغيير سلوك الآخر، ولا يشمل هذا التأثير العاملين في المستوى الأدنى فقط، بل يمكن أن يكون على مستوى الزملاء المناظرين أو الرؤساء في المستويات الأعلى. إن التأثير لا يعني بالمطلق حالة إيجابية أو سلبية ويمكن أن يكون نتيجة أسباب واهية أو موضوعية وقد يساهم في زيادة فاعلية المنظمة أو إضعافها. إن المدري الناجح هو من يستطيع أن يمارس التأثير الصحيح والإيجابي وفي الوقت المناسب. ويمكن أن يحدث التأثير باعتماد واحد أو أكثر من الأساليب التالية:
1. الاستشارة: وهي دعوة الآخرين للمشاركة باتخاذ القرار أو إجراء التغييرات.
2. الإقناع العقلاني: محاولة إقناع الآخرين من خلال خطة تفصيلية ومعلومات داعمة للرأي وأسباب موضوعية مقنعة.
3. المناشدة الإيحائية: وهي مخاطبة ع واطف الآخرين وقيمهم أو إلهاب حماسهم وكسب ثقفتهم.
4. تكتيكات كسب الرضا والمداهنة مع الآخرين وإشعار الآخرين بأهميتهم وكسب ودهم وصداقتهم وبالتالي إحداث التأثير المطلوب.
5. تكتيكات التحالف: البحث عن مساعدة وعون الآخرين من خلال التحالف معهم.
6. ممارسة الضغط والتهديد والتخويف لكسب دعمهم.
7. دعم المستويات العليا: حيث يتم اللجوء إلى المستويات العليا في المنظمة وطلب مساعدتهم في إحداث التأثير.
8. تبادل المنافع: حيث يتم إحداث التأثير عن طريق تقديم أفضال أو منافع للمقابل للحصول على دعم وإحداث التأثير فيه.
أما القوة Power فهي القدرة على التأثير في سلوك الآخرين من خلال ترتيب الموارد المختلفة وتوجيهها نحو جعل الآخرين ينفذون ما مطلوب منهم.
والقوة ليست نوعًا واحدًا بل هناك أنواع متعددة منها وهي:
1- القوة المرتبطة بالمنصب Position Power: يشغل المدراء مواقع وظيفية مختلفة في الهيكل التنظيمي وترتبط بهذه المواقع الوظيفية سلطات تمثل مصدرًا مهما لممارسة القوة. نظريا أن من يشغل موقعًا وظيفيا يمتلك قوة في حين أن استخدام هذه القوة يختلف من شخص لآخر. وهكذا فإن نجاح القيادة يتباين في ضوء هذا الاختلاف. ولقوة الموقع ثلاث وسائل:
* قوة المكافأة Reward Power: وهي القدرة على تقديم شيء ذي قيمة كوسيلة للتأثير في الآخرين ودفعهم للإنجاز بشكل جيد، بمعنى أن هذه القوة تركز على مخرجات إيجابية كوسائل للتأثير في سلوك الآخرين ومن أمثلة هذه القوة الحوافز الإضافية والترقيات وغيرها.
* القوة الشرعية القانونية Legitimate Power: هي القدرة على التأثير من خلال السلطة القانونية التي يكفلها الموقع الوظيفي، حيث يمكن لشاغل المنصب ممارسة رقابة على المرؤوسين في مواقع أدنى. وكل المدراء لديهم قوة شرعية قانونية، ولكن مجرد امتلاك هذه القوة لا يجعل من المدراء قادة حيث يمكن للمرؤوسين اتباع قواعد العمل والتعليمات لكن مجرد أن يطلب من المرؤوس أمرًا يقع خارج حدود الوظيفة قد يرفض أو يؤديه بشكل سيء، وهنا فإن المدير الذي لديه مثل هذه المرؤوس يمارس سلطة رسمية وليس قيادية.
* قوة القسر والإكراه Coercive Power: هي قوة تأثير من خلال القدرة على إيقاع العقوبات أو التهديد بها. إن تغيير سلوك العاملين يأتي من خلال التلويح بالعقوبة أو استخدامها عند الضرورة مثال ذلك تهديد بعض المدراء للعاملين المتأخرين بإنزال عقوبات بهم أو معاقبتهم فعلًا وقد يذهب بعض المدراء بعيدًا في هذه القوة إلى حد إذلال وإهانة العاملين والتجاوز هنا غير مقبول ولا يتماشى مع الجوانب الإنسانية.
2- القوة المرتبطة بشخصية المدير Personal Power: إن الخصائص الشخصية الفريدة للمديرين تمثل مصدرًا مهما للقوة، فالقائد الناجح هو من يستطيع أن يبني ويستخدم بشكل فعال جوانب القوة المرتبطة بذاته وشخصيته مثل قوة الخبرة والمرجعية.
* قوة الخبرة Expert power: وهي القوة النابعة من معلومات قيمة أو خبرات متخصصة لا يستغنى عنها في منظمة الأعمال. فالخبرات الفنية هي اليوم أصل من أصول المهمة في منظمات الأعمال في عصر المعرفة وليس من السهل الحصول على عاملين على درجة عالية من التخصص الفني والإتقان المهني.
* القوة المرجعية Referent power: هي القوة الناتجة عن وجود جابية شخصية أو “كاريزما” لدى المدير بحيث يدين المرؤوسون له بالولاء ويشعرون بالانتماء إلى إدارته ونطاق عمله.
إن القوة باعتبارها ذات أهمية كبيرة لإنجاز الأعمال في المنظمات وأن استناد هذه القوة لدى القادة والمدراء على الخبرة والمرجعية بالإضافة إلى تعزيزها بالجوانب الشرعية والتنظيمية والقانونية فإنه من الضروري عدم إساءة استخدام هذه القوة لتصبح مصدرًا للهدم بدلًا من أن تكون مصدرًا للبناء والنجاح. وفي الإطار العام فإن القوة تأخذ مداها الإيجابي من خلال قبول ورضا المرؤوسين بها باعتبار أن من يمتلك هذه القوة هو مدير قائد يؤثر بإيجابية في سلوك العاملين ولغرض زيادة مساحة القبول والرضا للسلطات وصلاحيات المدراء، يتطلب الأمر من القائد أن يعي طبيعة العاملين لديه وكيفية التأثير الإيجابي بهم من خلال تعزيز مصادر القوة الشخصية لديه. ويقتضي الأمر هنا أن يهتم القائد بالعاملين وأن يوضح لهم جوانب العمل المختلفة ويشاركهم الرأي وأن لا يفرض عليهم دون وعي أو إدراك من قبلهم اتجاهات العمل التي يراها بمفرده والتي لا تنسجم مع طبيعة رؤاهم وأفكارهم حول إنجاز الأهداف ونجاح المنظمة. كذلك يجب أن يشعر العاملون بأن هذه التوجهات تقع في إطار قابلياتهم للإنجاز والوسائل المتاحة لهم وأنها إذا ما تحققت سوف تخدم بأفضل الصيغ مصالح المنظمة. ومن الضروري أن يقتنع العاملون بأن هذه التوجهات في العمل تنسجم مع قيمهم الشخصية ومع ما تراه المنظمة من أمور متجسدة بثقافتها التنظيمية. وتثار الإشكاليات الأخلاقية عندما يقدم المدراء أو القادة على اتباع جوانب تثير لعديد من التساؤلات إما بسبب عدم ووضحها أو سبب كونها مجالات مثيرة للشك ولم تتحدد معالم رؤية واضحة للمدير والعاملين بشأنها.
* التمكين Empowerment
يمثل التمكين عمليات بواسطتها يمكن المدراء العاملين الآخرين ويساعدون على امتلاك القوة لتحقيق تأثير في جوانب المنظمة المختلفة. إن المدير الفاعل يمكن الآخرين من خلال تزويدهم بالمعلومات وتحميلهم المسؤوليات ومنحهم الصلاحيات والثقة في صنع القرارات والقيام بالأعمال باستقلالية وهو يعي أن شعور الأفراد بهذا التمكين يزيد من التزامهم بالعمل ويحافظ على النوعية فيه. إن تحقيق أداء وإنجاز عالي في منظمات الأعمال التي يتطلب حشد فاعل للقوة على جميع المستويات ولدى جميع العاملين ويجب أن يأتي هذا مركزًا على مصالح المنظمة ويسمح للآخرين بتقاسم ملكية تأتي في إطار حل المشكلات وتحسين مستمر لوضع المنظمة. إن المدير يستطيع تمكين الآخرين بوسائل عديدة منها جعل الآخرين مشاركين حقيقيين في اختيار طرق العمل وإنجاز المهام وخلق بيئة تعاونية من خلال المشاركة في المعلومات ومناقشتها معهم ليصبح أمر المشاركة في الأهداف ممكنا كذلك تشجيع الأفراد على القيام بالمبادرات واتخاذ القرارات واستخدام المعرفة بكل صورها من أجل الوصول للأهداف، كما أن إعطاء الحرية للعاملين لتقديم مقترحاتهم وحلولهم للمشاكل والقيام بتنفيذها وإدامة السلوك الإداري الإيجابي والثقة بالآخرين سوف يشجع على أداء أفضل.
* الأساليب القيادية Leadership Styles
مهما تكن وجهات النظر التي تفسر القيادة وظهور القادة فإن هناك إجماع على أن الأساليب القيادية هي ثلاثة:
* أسلوب القيادة الأوتوقراطية (الاستبدادية) Autocratic Style
ضمن هذا الأسلوب فإن القائد يعمل بهيمنة كاملة في مجال إصدار القرارات والإشراف على العمل وتطوير السياسات فهو قريب من النزعة الفردية وبعيد عن المشاركة الجماعية. وهنا تضعف التفاعلات بين الأفراد وتنخفض الروح المعنوية ويشيع عدم التماسك وضعف الارتباط كما تظهر حالات عدائية في مكان العمل، وبالتالي فإن الاندفاع للعمل قليل.
* أسلوب القيادة غير الموجهة Lessez – Fair Style
يصلح هذا الأسلوب لبيئات علمية على درجة عالية جدًا من التخصص وما شابهها من المنظمات، فهو أسلوب يقوم على أساس عدم وجود قائد بل كل عضو في المنظمة هو قائد وكل واحد يعمل أفضل ما عنده وبأحسن الصيغ بحيث لا يحتاج إلى توجيه ومتابعة وبدون أدنى تدخل في عمل المرؤوسين.
* أسلوب القيادة الديمقراطية Democratic Style
يشجع هذا الأسلوب المشاركة بدرجاتها المختلفة في إنجاز المهام وتطوير الأفراد، والقيادة الديمقراطية تشجع المشاركة من خلال تقاسم المعلومات ومساهمتهم في مراحل تطوير القرار مع إتاحة الفرصة الكاملة لتنمية المهارات وتمكين العاملين.
ولو تساءلنا عن أي الأساليب هو الأصلح فإن هذا يعتمد على جوانب كثيرة جدًا سوف تأتي مناقشتها لاحقًا ضمن النظريات ووجهات النظر المختلفة فيها حول القيادة والقادة.
ثانيًا: النظريات التقليدية في القيادة Classical Theories in Leadership
شكل موضوع القيادة والقائد وكيفية ظهوره والسمات التي يتمتع بها نقطة محورية للبحث والاستقصاء في العلوم الإدارية وإدارة الأعمال باعتبار أن المدير القائد الذي يمتلك مؤهلات وصفات وخصائص معينة يستطيع استخدامها في التأثير الإيجابي على سلوك العاملين وبالتالي يتحقق نجاح المنظمة. إن المدير الجيد يفترض أن يكون قائدا فعالا لكي يستطيع أن يمارس العمل الإداري بشكل صائب لتحقيق التفوق لمنظمته قياسًا للمنافسين. لذلك طرحت مجموعة كبيرة من النظريات لتفسر الجوانب السلوكية والقيادية المطلوبة لدى المدير وكيف يصبح قائدا جيدًا وكيف يستطيع إحداث التأثير الإيجابي في الآخرين العاملين معه. إن أولى هذه النظريات مثلت مدخلًا تقليديا لدراسة ظاهرة القيادة في إطار محاورتها كظاهرة اجتماعية إنسانية تجد تفسيرًا لها بدراسة سيرة القادة العظام وخصائصهم الشخصية.
تمثل هذه النظرية حجر الزاوية في الفكر الإداري المتعلق بدراسة موضوع القيادة. لقد حاولت هذه النظرية دراسة موضوع القيادة منخلال التركيز على تحليل شخصيات قادة عسكريين وسياسيين متميزين لذلك اعتبروا أن القائد هو إنسان عظيم مفترضين أن هذه العظمة هي نتيجة موهبة وقدرات خارقة أعطاها الله سبحانه وتعالى بالفطرة والوراثة لمثل هؤلاء الأشخاص. فالقائد في إطار هذه النظرية هو شخص عظيم يتمتع بشخصية كاريزمية ساحرة يحظى بولاء أعداد كبيرة من الناس ينقادون طوعا له ويقدمون التضحيات راغبين غر مكرهين لتحقيق إنجازات عظيمة. وفي الإطار السياسي أو العسكري يمكن أن نتذكر شخصيات فذة من التاريخ القديم والحدث. وفي إطار الأعمال يمكن أن نجد شخصيات فذة ساهمت في نجاح منظمات كانت صغيرة أو مغمورة وتحولت إلى أعمال يشار لها بالبنان وحققت نجاحات هائلة. ولتقييم هذه النظرية يمكن القول أنها تفسر جانبا من ظاهرة إنسانية معقدة ومهمة جدًا خاصة في إطار تركيزها على أمثلة بارزة وواضحة لقادة عظام وكبار سياسيون وعسكريون ورجال أعمال لكنها لا تساعد على تفسر ظاهرة القيادة بشمولية من خلال وجود قادة صغار ناجحون ولكنهم غير معروفين. من جهة أخرى لا يمكن القول أن القيادة هي خصائص وراثية محضة توهب للبعض وتحجب عن الآخرين إلا إذا تحدثنا عن الأنبياء لكن عامة الناس قد يطوروا مهاراتهم القيادية من خلال التجارب والدراسة والاطلاع.
* نظرية السمات Traits Theory
جاءت نظرية السمات لتكمل النظرية السابقة في إطار المدخل التقليدي للقيادة والسمات هي مجموعة الخصائص والصفات التي يمتلكها القائد ويتفرد بها بحيث تجعل منه قائدا فذا لجميع الظروف والأحوال، والقائد هو الشخص الذي يمتلك هذه السمات أو الخصائص.في إطار هذه النظرية تم دراسة خصائص مجموعة كبيرة من المدراء والقادة الناجحين لمعرفة أي الصفات والخصائص سيمكن اعتبارها ضرورية ومحددة لنجاح القائد. ورغم أن النظرية والباحثين في إطارها أشاروا إلى مجموعة كبيرة إلا أنه لم تؤشر بدقة خصائص معينة ترتبط دائمًا بتحقيق النجاح. فالفرد الذي لديه شعور عالي بالمسؤولية ودرجة ذكاء عالية وتصرف حاسم في المواقف الحرجة والاندفاع العالي والدافعية والثقة بالنفس والقدرة على فهم المعلومات والتفكير الإبداعي والأصيل والاستقامة والأمانة والإلمام بالمعرفة الجيدة بالعمل وغيرها يمكن اعتبارها صفات ضرورية للنجاح لكنها غير كافية لتفسير ظاهرة القيادة. وفي مراحل متأخرة حدد بعض الباحثين سمات ضرورية للقيادة ترتبط بجوانب السلوك والقدرة على العمل مع الآخرين وامتلاك مهارات الاتصال والتواصل بحيث يستطيع إثارة حماس الآخرين ويعطي القدوة الحسنة للآخرين باعتباره مرجعا للسلوك الملتزم والأخلاقي والقويم، وتأتي هذه في إطار كون القائد ذو بصيرة ورؤية وأصالة واستقلالية في التفكير. إن جميع هذه الجوانب تعتبر سمات تساعد على النجاح وتساهم في زيادة تأثير القائد والمدير على العاملين.
ولتقييم هذه النظرية فإنه يمكن القول أنها وفرت مدخلًا لدراسة شخصية القائد وسماتها ومكنت أيضًا من إيجاد وسلة لقياس مدى تمتع المدراء والقادة بهذه السمات أو الخصائص واستعدادهم لاستخدامها في العمل. وبالمقابل فإن أهم ما يؤخذ عليها هو توسع قائمة السمات وازدياد الخصائص التي يفترض أن يتمتع بها القائد وصعوبة وضع هذه السمات في إطار أولويات حسب أهميتها وهكذا تبرز دائمًا سمات جديدة حسب الزمان والمكان والموقف وبالتالي فإنها تفسير جانبا من القيادة لا يمكن اعتباره قطعيا. أما المأخذ الآخر عليها فإنه لم تقدم تفسيرًا مقبولًا لعدم استطاعة من يمتلكون هذه الصفات أن يصبحوا قادة معروفين وناجحين في حين برز آخرون يتمتعون بخصائص أو سمات أقل. وبشكل عام فإن هذه النظرية تعطي توجها يساعد مراكز البحوث والجهات المعنية بأمر القيادة بتأهيل مناسب للأفراد وتعزيز هذه السمات الإيجابية لديهم من خلال الدراسة والبحث والاستقصاء.
ثالثًا: النظريات السلوكية Behavioral Theories
وفقا لهذه المجموعة من النظريات فإن القيادة تعتبر ظاهرة سلوكية ترتبط بالدور الذي يلعبه القائد في المجموعة فبدلا من التركيز على الخصائص والسمات انتقلت الدراسات إلى بحث السلوك والأفعال للقادة، ويعبر عن ذلك بأسلوب القيادة Leadership Style وهي نماذج وسلوكيات تعتمد من قبل القائد. وإذا كان أحد الأساليب هو الأفضل فإن نتائج تطبيقه ستكون هي الأحسن. وهكذا يتدرب القادة على مهارات استخدام هذا الأسلوب.
* دراسات ميشيغان Michigan Study
تبلورت هذه الأفكار بناء على مجموعة من دراسات قام بها باحثون من جامعة ميشيغان في أربعينيات القرن الماضي. وفي إطارها تم مقابلة مجموعة كبيرة من المدراء ومرؤوسيهم وأن هذه البحوث حددت نوعين من سلوكيات القادة هما التركيز على العمل Job – Centered Behavior أو التركيز على العاملين Employee Centered Behavior. إن المدراء الذين يعتمدون سلوكيات تركز على العمل يولون اهتمامًا عاليًا لكيفية أداء العمل من قبل العاملين وتوضيح إجراءات العمل واهتمام عالي بالأداء. أما المدراء المستخدمين لسلوكيات تركز على العاملين فإنهم يطورون مجاميع العمل يتوهمون برضا العاملين عن أعمالهم وأن من أهم أولوياتهم هو رضا العاملين. إن هذين الأسلوبين لسلوك القائد يمثلان نهايتين على خط مستقيم في طرفها الأول تركيز تام على العمل وفي الطرف الآخر تركيز تام على العاملين. وفي إطار دراسات ميشيغان تم بحث هذين الأسلوبين بتعمق وافترضوا أن سلوك القائد الذي يركز على العاملين بشكل عام أكثر فاعلية من الأسلوب الآخر.
تشابه هذه الدراسات دراسة ميشيغان في بعض النواحي وكانت مقاربة لها بالفترة الزمنية. في إطار هذه الدراسة فإن الباحثين عرفوا نمطين سلوكيين مختلفين للقائد، الأول أطلقوا عليه اسم الاهتمام بهيكلية العمل وإجراءاته Initiating Structure وهو سلوك يركز فيه القائد على تنظيم الأشياء وكيفية إنجاز العمل أما النوع الثاني فهو ما يسمى الاهتمام باعتبارات الحساسية والشعور بالعاملين Consideration وضمن هذا السلوك يتم التركيز على الثقة وعلاقات الصداقة ودفء العلاقة من المرؤوسين. وإذا ما وضعنا هذين البعدين ضمن مصفوفة يتشكل فيها أربعة أساليب للقيادة كما في الشكل:
ومن ملاحظة الشكل أعلاه فإن الأسلوب المستهدف هو الذي يحقق الموازنة بين الاهتمام العالي بهيكلية وإجراءات العمل وبنفس القدر من الأهمية فإن القائد يهتم بالمرؤوسين ويوليهم عنايته ويشعرهم بالصداقة والثقة.
* نظرية الشبكة الإدارية Managerial Grid Theory
تمثل هذه الشبكة خلاصة مطورة للأفكار السابقة في هذا المدخل، فقد طور Jane Mouton, Robert Blake هذه الشبكة لوصف الأنماط القيادية للمديرين وفق بعدين أساسين هما الأفراد والإنتاج. إن القائد الذي يركز على المهام والعملية التخطيطية وتحديد العمل الذي يفترض أن ينجز ويؤشر المسؤوليات ويضع المعايير ويراقب الأداء والنتائج هو قائد يركز على الإنتاج بالمقابل فإن القائد الذي يركز على الأفراد يكون داعما للمرؤوسين ومطورا للعلاقات الاجتماعية معهم ومحترما لمشاعرهم وحساسا لاحتياجاتهم ويثق بهم. ويعرض الشكل التالي الأنماط القيادية وفق هذين البعدين.
وتتميز هذه الشبكة بأنها تلخيص اهتمامات القائد وأولوياته في قيادة المنظمة وتحقيق الأهداف وكالآتي:
* القائد (1.1):هنا لا يهتم المدير بالعمل والإنتاج ولا بالعاملين كأفراد لهم احتياجات وبالتالي فهو قائد سيء ويمثل هذا النموذج غياب للقيادة مع وجود إدارة هزيلة وربما لا تستطيع المنظمة مع هذا نمط من الاستمرار بالعمل.
* القائد (1.9): يركز هذا النمط من القادة على العاملين وحاجاتهم وإقامة العلاقات الاجتماعية فيما بينهم، ويؤدي القائد دوره وكأنه في نادي اجتماعي حيث الاهتمام بالعلاقات الإنسانية دون الاهتمام بالإنتاج ومتطلباته.
* القائد (9.1): على النقيض من النمط السابق فإن القائد هنا يعطي اهتمامًا عاليًا للعمل ومتطلباته والإنجاز ويرى أن العاملين مجرد أفراد أو قوى إنتاج تبادل الإنجاز بالمرتبات أو الأجور. وبالتأكيد فإن هذا النمط لا يمكن أن يكون ناجحا في ظل الاهتمام الكبير بالموارد البشرية وتنوعها والاهتمام بتمكينها.
* القائد (5.5): هنا يعطي القائد اهتمامًا وسطًا ومتوازنا لكل من العاملين والإنتاج فهو مدير و قائد اعتيادي ولكنه ليس مبدعا أو استثنائيا.
* القائد (9.9): هنا يكون هذا النمط مثاليا حيث يعطي اهتمامًا عاليًا لكل من الأفراد والإنتاج ويفترض أن يكون هذا النمط هو المستهدف في السلوك القيادي لكن يتحقق نجاح وأداء متميز للمنظمة.
رابعًا: النظريات الموقفية Situational Theories
في إطار النظريات السابقة بدا واضحًا أن هناك العديد من المتغيرات وتفاعلاتها تحدد كفاءة القيادة وفاعلييتها حيث ثقافة المنظمة وفلسفتها وطبيعة البيئة التي تعمل فيها وعناصر أخرى كثيرة، فلا وجود لنمط سلوكي واحد يكون فاعلا فيكل لظروف والأحوال وهذا ما عبرت عنه هذه المجموعة من النظريات التي رأت أن متغيرات الظرف أو الموقف تؤثر تأثيرًا مباشرا على النمط القيادي المستخدم. وقبل البدء بطرح بعض النظريات في هذا الاتجاه من الضروري الإشارة إلى أهم المتغيرات الموقفية التي لها تأثير على النمط القيادي وسلوك القائد وهي:
* الإدارة العليا وتوجهاتها وسلوكها: حيث أن لهذه الإدارة تأثيرًا كبيرًا على باقي المدراء وسلوكياتهم في المستويات الإدارية الأخرى. فإذا ما كان توجه الإدارة العليا إيجابيًا أو سلبيًا النحويين مفردات مهمة في العمل فإن هذا التوجه سينعكس بشكل أو بآخر على طبيعة سلوك المدراء الآخرين.
* خبرة القائد وشخصيته: وهذه تؤثر أيضًا على نمطه القيادي حث يتحدد في ضوئها طبيعة علاقته ورؤيته للمرؤوسين ومدى الثقة التي يمنحها لهم.
* المرؤوسون وخصائصهم وتطلعاتهم: حيث تؤثر خبرات ومهارات وسلوكيات هؤلاء المرؤوسين في اختيار النمط القيادي الذي يستخدمه القائد معهم فالمستويات الإدارية الأعلى غالبًا ما تكون أقل تحديدًا وتوجها في التدخل بشؤون المرؤوسين قياسًا إلى المستويات الإدارية الأدنى.
* طبيعة العمل ومتطلباته ونمط المهام وأسلوب تحديدها: فبعض الأعمال يستلزم أداؤها تدخلا وأوامرًا محددة تفرض نمطا معينًا قياسًا لأعمال أخرى. ويدخل ضمن هذه المتغيرات أيضًا هيكلة المنظمة ونوع التكنولوجيا المستخدمة وغيرها.
* استراتيجيات وثقافة المنظمة: وهذه تعتبر أيضًا عاملًا موقفيا يؤثر على سلوك القائد الإداري، وثقافة المنظمة هي المصدر المهم الذي تشتق منه وفي إطاره تطلعات الرؤساء والمرؤوسين وتأثرهم بطبيعة المتغيرات الداخلية والخارجية. أما السياسات فإنها تعتبر دليلًا إرشاديا يحدد نمط القرارات وسلوكيات اتخاذها وبالتالي فإنها تعتبر من العوامل الموقفية المؤثرة في السلوك.
إن هذه العوامل وغيرها مثل البيئة التي تعمل فيها المنظمة وطبيعة المنافسة وتدخل الحكومة وطبيعة المعارضين للقائد في المنظمة كلها متغيرات موقفية تؤثر على النمط القيادي المستخدم.
* نظرية Tannenbaum, Schmidt لسلوك القائد
قدم الباحثان تاننبوم وشميدت مصفوفة تعطي سلوكيات مختلفة للقائد وفق تأثره بخصائص المرؤوسين وخصائص الموقف بالإضافة إلى خصائصه كمدير أو كقائد. تمثل هذه المصفوفة مدخلًا موقفيا للعلاقة بين درجة حرية المرؤوسين في التدخل بالقرار ومقدار السلطة المستخدمة من قبل القائد في هذا القرار ويأتي هذا استنادا إلى خصائص الموقف التي يعتمد فيها هذا السلوك كما يظهر في الشكل التالي:
وضمن خصائص القائد المؤثرة نجد نظام القيم ودرجة ثقته بالمرؤوسين وشعوره بالأمان. أما خصائص المرؤوسين المؤثرة فهي حاجة المرؤوسين إلى الاستقلالية واستعدادهم للقبول وتحمل المسؤولية وقدرتهم للعمل في ظل الغموض وعدم الوضوح واهتمامهم بالمشكلة المطروحة وخبرتهم وتوقعاتهم وغيرها. أما أبرز خصائص الموقف المؤثرة فهي نوع التنظيم وفعالية مجموعات العمل وطبيعة المشكلة أو المشاكل المطروحة وضغط الزمن وغيرها.
* النظرية التفاعلية Interaction Theory
في إطار هذه النظرية فإن القيادة هي عملية ناتجة عن تفاعل لتأثير متبادل بين ثلاثة أبعاد مهمة وهي القائد والمرؤوسين وطبيعة الموقف. لقد عبر بعض الباحثين في إطار هذه النظرية عن مفهوم التبادل الاجتماعي المشتمل على العلاقات والتفاعل المشترك بين القائد والمرؤوسين وخصائص الموقف. فإذا كان القائد مؤثرا على المرؤوسين فإن استجابتهم تتشكل من خلال طبيعة التفاعل الداخلي بينهم مع بعضهم من جهة وبينهم وبين خصائص الموقف أو البيئة من جهة أخرى ليتشكل في إطار عملية التفاعل والتبادل هذه النمط أو الأنماط القيادية السائدة والمؤثرة في المنظمة كما يظهر من الشكل:
* نظرية فيدلر للسلوك القيادي Fidler’s Theory
تفسر القيادة والسلوك القيادي وفق هذه النظرية كعلاقة بين وجهين أحدهما للعلاقات والآخر للمهام، فالقائد المتجه نحو العلاقات هو قائد يهتم بالعاملين والعلاقات الاجتماعية، أما القائد المتجه نحو المهام فهو محفز أساسا لإنجاز المهام المطلوبة. ويقاس أسلوب القيادة من خلال استبيان يعرف بـ (LBC) Least Preferred Coworker وهو مقياس لتحديد زميل العمل الأقل تفضيلا. وهذا القياس يتكون من ستة عشر خاصية أو صفة تقاس على سلم من ثمانية درجات. ومن هذه الصفات الأكثر شيوعا التي استخدمها فيدلر هي:
بعد إعداد هذه الاستبانة فإنه بالإمكان معرفة توجه المدير نحو العلاقات أو المهام وفق إجاباته، فإذا كانت الإجابة تشير إلى النواحي للمفاهيم الواردة في المقياس فإن المدير ذو توجه نحو العلاقات وإلا فإنه متوجه للمهام، وفي الحالة الأولى يفهم أن المدير حساس تجاه العاملين ومداراة مشاعرهم.
– الموقف Situation
يمكن تحليل الموقف في ضوء ثلاثة عناصر مهمة: نوعية العلاقات بين أعضاء المنظمة والقائد، هيكلة المهمات وقوة الموقع الوظيفي حيث يمكن وصف كل منها بأنه مؤاتي أو غير مؤاتي للقائد.
* علاقة القائد بالأعضاء Leader – member Relations: تشير إلى المناخ السائد بين مجاميع العمل ومدى قبول الأعضاء للقائد فعندما يثق المرؤوسون ويحترمون القائد يمكن اعتبار العلاقات جيدة أما إذا لم تكن هناك ثقة واحترام يمكن اعتبار العلاقات ضعيفة.
* هيكلة المهام Task Structure: تشير إلى كيفية تحديد المهام وأدائها من قبل الأعضاء وما إذا كانت هناك إجراءات واضحة وأهداف مؤشرة. فمثلًا في خطوط الإنتاج تكون المهام روتينية واضحة ومتكررة لذا فإنها مهيكلة بدرجة عالية، أما مهاما لبحث والتطوير أو التخطيط الاستراتيجي فإنها مهام ليست مهيكلة وعندما تكون المهام مهيكلة وواضحة فإن الموقف يعتبر في صالح القائد ومؤاتي له أما إذا لم تكن مهيكلة فالموقف ليس في صالح القائد.
* قوة الموقع الوظيفي Position Power: مدى وجود سلطة رسمية للقائد على المرؤوسين وقوة الموقع عالية عندما تكون لدى القائد قوة لوضع الخطة وقيادة اتجاه العمل وتقييمه وإمكانية منح المكافآت أو إنزال العقوبات. وتكون قوة الموقع منخفضة عندما يمتلك القائد سلطات قليلة على العاملين وبالتالي فإنه لا يقيم عملهم ولا يمنحهم مكافآت. وعندما تكون قوة الموقع كبيرة فإن الموقف في صالح القائد والعكس صحيح.
– النظرية:
عندما فحص « فيدلر » العلاقات بين أسلوب القائد والموقف وأداء المهام من قبل العاملين وجد أن القائد المتوجه للمهام يكون فاعلا عندما يكون الموقف إما مؤاتي وفي صالح القائد بشكل عالي جدًا أو غير مؤاتي وليس في صالحه بشكل كبير.
أما إذا كان القائد متوجه نحو العلاقات فإنه يكون فاعلا عندما يكون الموقف مؤاتيا وفي صالحه بشكل وسط وكما موضح في الشكل التالي:
* نظرية هيرسي وبلانشارد Hersey and Blanchard’s theory
تقوم هذه النظرية على أساس قدرة القائد على تعديل أسلوبه القيادي بناء على جاهزية واستعداد المرؤوسين لأداء مهامهم، حيث يمكن استخدام أربعة أساليب قيادية مختلفة كما في الشكل أدناه:
إن المقصود بالجاهزية أو الاستعداد Readiness هو مدى قدرة العاملين على إنجاز المهام وتوفر الخبرة لديهم أو الرغبة لإنجاز العمل وتحمل المسؤولية ومدى إمكانية الاطمئنان لقدراتهم وقابلياتهم للأداء بشكل صحيح. فإذا كانت الجاهزية منخفضة فإن أسلوب إصدار الأوامر Telling حيث يقوم القائد بإعطاء الأوامر الصريحة والمحددة والدقيقة لما يجب عمله بالضبط. أما إذا كانت جاهزية المرؤوسين متوسطة فإن أسلوب البيع Selling هو الأفضل حيث أن المرؤوسين يتصفون بنقص في المهارات والقابليات ولكن لديهم رغبة بالعمل ويمكن الاطمئنان إليهم فيضطر القائد إلى تفسير قراراته ويوضحها. أما إذا كانت جاهزية العاملين عالية فإن أسلوب المشاركة Participating يكون الأكثر فاعلية حيث أن المرؤوسين لديهم قابليات وخبرات ولكن لا يمكن الاطمئنان إليها فيحتاجون إلى بعضًا لتوجيه من قبل القائد. وعندما تكون جاهزية العاملين عالية جدًا فإن أسلوب التفويض Delegating هو الأصلح، حيث هناك استعداد عالي لتحمل المسؤولية.
* نظرية المسار الهدف Path – Goal Leadership Theory
لقد طور هذه النظرية روبرت هاوس Robert House وأساسها أن القائد الأفضل هو الذي يستطيع رسم مسارات واضحة للمرؤوسين لغرض الوصول إلى الأهداف سواء كانت أهداف المنظمة أو أهداف شخصية لهم وذلك بتحفيزهم ومساعدتهم على سلوك هذه المسارات. وتشير النظرية إلى أن المرؤوسين يمكن أن يزيلوا العقبات من هذه المسارات وبالتالي يصلون إلى أهدافهم.
ويعتقد « هاوس » أن المدراء يجب أن يكونوا مرنين ويتحركون ضمن أربعة أنماط قيادية هي:
1. قيادة توجيهية Directive Leadership: حيث يحتاج المرؤوسين إلى توجيه ومعرفة ماذا وكيف ينجز العمل مع ضرورة وجود معايير وجدولة عمل واضحة.
2. قيادة مساندة Supportive Leadership: حيث يجب جعل العمل أكثر متعة ومعاملة أعضاء المجموعة بالتساوي مع علاقات صداقة واحترام وإعطاء اهتمام لكافة العاملين دون تمييز.
3. قيادة متوجهة للإنجاز Achievement – Oriented Leadership: توضع هنا أهداف تثير التحدي مع توقع أداء عالي ومواجهة تحسين مستمر للأداء مع إظهار الثقة الكاملة ووضع معايير أداء مرتفعة.
4. قيادة تشاركية Participative Leadership: تقوم على أساس دمج العاملين في عملية اتخاذ القرار واستشارتهم وطلب اقتراحاتهم واعتمادها في اتخاذ القرارات.
في إطار هذه النظرية يفترض استخدام الأسلوب القيادي المناسب للموقف مع تجنب حصول أعمال أو سلوكيات زائدة. والشكل التالي يوضح مضمون النظرية:
ويتحدد السلوك القيادي الملائم وفق اعتبارات الموقف سواء من حيث خصائص المرؤوسين أو بيئة العمل ولعل الشكل التالي سيوضح مضمون النظرية بصورة دقيقة.
* نظرية فروم – جاغو Vroom – Jago Theory
تقوم هذه النظرية على أساس مساعدة القائد على اختيار الأسلوب الأفضل لاتخاذ القرار بصدد مشكلة معينة وكمية المشاركة المسموح بها من قبل المرؤوسين. تميز النظرية بين ثلاثة أنماط يعتمدون القائد لاتخاذ القرار: قرار السلطة Authority Decision وقرار استشاري Consultative Decision وقرار مجموعة Group Decision. ويمكن للقائد أن يختار أحد البدائل التالية عند اتخاذه للقرار:
1. يقرر لوحده وهذا يسمى قرار سلطة، ثم يعلن القرار للمجموعة.
2. يتشاور بشكل منفرد مع بعض المرؤوسين للاستفادة من مقترحاتهم.
3. يتشاور مع مجموعة باستدعائهم إلى اجتماع تداول ثم يطرح المشكلة ويناقشها معهم وسماع آرائهم جميعًا.
4. يقوم بتسهيل مهمة مناقشة المشكلة ومن ثم اتخاذ القرار من قبل المجموعة كاملة.
5. يفوض صلاحية اتخاذ القرار إلى المجموعة لكي تتخذ القرار.
* جودة القرار المتخذ والقائمة على من يمتلك المعلومات المرتبطة بحل المشكلة.
* قبول القرار والذي يقوم على أساس أهمية قبول المرؤوسين واستعداده لتنفيذ القرار.
* وقت اتخاذ القرار القائم على أساس الوقت المتاح لاتخاذ وتنفيذ القرار.
ويمكن تلخيص هذه الأفكار بالشكل التالي:
ولمزيد من الفائدة، تجدر الإشارة هنا إلى أن مسألة مشاركة المرؤوسين في عملية صنع واتخاذ القرار تكون أكثر ملاءمة في الحالات التالية:
* نقص المعلومات والخبرة لدى القائد حول المشكلة موضوع القرار.
* المشكلة غير واضحة وهناك حاجة للمساعدة في توضيح الموقف.
* قبول القرار والالتزام به أمر ضروري لتنفيذه.
* هناك وقت كافي ومتاح لمشاركة فعلية في صناعة واتخاذ القرار.
خامسًا: الاتجاهات الحديثة في القيادة New Trends in Leadership
إن امتدادات المداخل الموقفية للقيادة ركزت على أساليب القيادة وطبيعة المرؤوسين وخصائص الموقف. لقد أصبحت متغيرات الموقف محددًا أساسيًا قويًا بحيث يمكن القول أنها فتحت الباب أمام الحديث عن عدم الحاجة إلى أسلوب قيادي مرتبط بشخصية القائد. ونتكلم هنا عن بديل معوض Substitute للقائد وهو مجموعة متغيرة موقفية تجعل من الأسلوب القيادي غير ضروري وزائد وفي إطار يوجد هناك محيد Neutralizer للدور الشخصي للقيادة بحيث يصبح سلوك القائد مرتبطا بهذه المجموعة من المتغيرات الموقفية. وقد مثلت هذه التوجهات مع غيرها إطارا عامًا لمداخل أكثر حداثة لدراسة القيادة نستعرض أهمها بالآتي:
* القيادة الكاريزمية القيادة الرأسمالية Charismatic and Visionary Leadership
إن القائد الكاريزمي Charismatic Leader هو القائد الذي لديه القدرة على تحفيز العاملين للحصول منهم على أداء يتجاوز أو يتفوق على ما هو متوقع. والقائد من هذا النمط لديه قدرة على الإيحاء والإلهام للعاملين بحيث يستخدموا أقصى طاقة لديهم ويلتزمون تمامًا تجاه المنظمة التي يعملون فيها متجاوزين مصالحهم الخاصة ومضحين من أجل صالح هذه المنظمة. ويأتي الأثر الكاريزمي للقائد من:
* صياغة رؤية شامخة لمستقبل طموح يكون الأفراد سعداء بالانتساب إليه.
* بناء نظام قيمي متكامل يعرف كل عضو في المنظمة موقفه فيه.
* كسب ثقة الزبائن وودهم وبالتالي إخلاصهم في العمل بشكل دائم.
وعادة ما يكون القائد الكاريزمي ذو شخصية قوية ومحبوبة وينظر إليه كبطل ولديه أيضًا مهارات في توضيح الرؤية القيادية Visionary Leadership التي تخاطب قلوب وأحاسيس العاملين جاعلة منهم جزءا أساسيًا من بناء كبير يتجاوز حدودهم الذاتية، فهم ينظرون إلى ما وراء الواقع والحقائق الظاهرة ويساعدهم على رؤية المستقبل كحالة براقة ومحتملة التحقيق حتى لو كانت خارج إطار لجوانب الملموسة في الوضع الراهن. فالرؤية هي مستقبل جذاب وبراق موعود وليس حالة آنية جاهزة تصل إليها. والقائد الكاريزمي لديه رؤية قوية للمستقبل ويستطيع تحفيز الآخرين لمساعدته في إنجازها، فتأثيرها العاطفي على المرؤوسين كبير ويتمتع بنظرة بطولية من قبل هؤلاء المرؤوسين. ومن المفيد إجمال الصفات الكاريزمية التي أجمع عليها الباحثون وكالآتي:
* ثقة عالية بالنفس.
* رؤية مستقبلية.
* قدرة على تفصيل الرؤية وجعلها مفهومة من قبل الآخرين.
* قناعات كبيرة بالرؤية التي يطرحها.
* سلوك غير معتاد وخارق.
* يتمتع بمظهر الرجل الذي يؤمن بالتغيير ويعمل من أجله باستمرار.
* حساسية عالية جدًا للتغيرات البيئية وما يحيط به من أحداث.
* القيادة التبادلية والقيادة التحويلية Transactional and Transformational Leadership
إن القيادة التبادلية Transactional Leadership هي قيادة توجه جهود المرؤوسين بشكل إيجابي من خلال المهام والمكافآت ونظام الحوافز والهيكل. وبالتالي فإن القائد ضمن هذا السياق يهتم بتوضيح أدوار المرؤوسين ومتطلبات المهام الموكلة إليهم ويضع الهيكل الملائم ونظام التحفيز المطلوب وكذلك العناية ببناء علاقات تعزز العمل مع المرؤوسين. ومن هذا المنطلق فإن القيادة التبادلية تتمتع بالقدرة على إرضاء المرؤوسين كمدخل لتحسين الإنتاجية بمعنى أنها تتفوق في الوظائف الإدارية فهي مثابرة ومتسامحة ومتفهمة وذات عقلية عادلة وسطية. وهي تؤكد على المظاهر غير الشخصية للقيادة مثل الخطط الكفوءة والجدولة والموازنات الصحيحة. كما أن لها الرغبة في توليد الالتزام بالأعراف والقيم التنظيمية. أما القيادة التحويلية Transformational Leadership فهي القيادة التي لها قدرة فائقة في الإيحاء للمرؤوسين للقيام بأفضل ما يمكن من جهود لصالح المنظمة للارتقاء بالأداء وأهم ما يميزها هو الأثر الاستثنائي الخارق على المرؤوسين. والقيادة التحويلية تشبه القيادة الكاريزمية لكنها تتميز بكونها ذات قدرات خاصة لإحداث التغيير وتحقيق الإبداع عن طريق تنظيم حاجات المرؤوسين واهتماماتهم ومساعدتهم على استخدام طرق جديدة لحل المشاكل القديمة وتشجيعهم على مناقشة الحالة الراهنة دائمًا. والقيادة التحويلية تخلق تغييرا مهما على صعيد المرؤوسين والمنظمة فضلًا عن قدرتها على قيادة التغيير في رسالة المنظمة واستراتيجياتها وهيكلها وثقافتها وكذلك الارتقاء بالإبداع التكنولوجي سواء كان منتجات أم عمليات إنتاجية.
* الرؤية. * التمكين للآخرين.
* الكاريزما. * خصوبة الخيال.
* الرمزية. * النزاهة.
* القيادة في بيئة العمل الجديدة Leadership In New Workplace
إن التطور الحاصل في بيئة الأعمال والتحديات الكبيرة التي تواجه منظمات الأعمال قد غير من مفهوم القيادة، فالعولمة والتجارة الالكترونية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ساهمت في خلق مكان عمل جديد وغيرت من مصالح العاملين وتوقعاتهم وخلقت تنوع عالي وهذه جميعها وجهت بشكل آخر إطار التفكير حول الممارسات القيادية ورغم أن المجالات التي أصابها التغيير كثيرة إلا أننا سنقتصر على مجموعة منها وكالآتي:
– المستوى 5 للقيادة Level 5 Leadership
تقوم فكرة هذا التطور على أساس الدراسات التي قام بها Jim Collins وآخرون حول إمكانية تحويل الشركات الجيدة إلى شركات عظيمة حقًا. ويقدم الباحثون المستوى الخامس للقيادة باعتباره أعلى مستوى في هرم قابليات المدراء ويوضح الشكل التالي خصائص هذا المستوى الخامس.
ولعل أهم صفة للقادة في المستوى 5 للقيادة هو التواضع وعدم وجود مشاعر الأنانيةوهذا يناقض مفهوم القيادة من وجهة نظر نظرية القائد العظيم الذي تفترض أنانية عالية وطموح كبير شخصي.
– القيادة الافتراضية Virtual Leadership
هناك الكثير من العاملين الذين يؤدون أعمالهم في فضاء الانترنت أو عن بعد من خلال منازلهم وهذا يعني وجود بيئة عمل مفترضة وليست فعلية وقد لا يجتمع العاملون مع بعضهم إطلاقًا. هنا تواجه القيادة مصاعب للموازنة بين الهيكل والمساءلة مع المرونة: فالمشكلة هنا كيفية التأكد من أن العاملين يؤدون ما هو مطلوب منهم بدون رقابة وإشراف مباشر بالطرق المعروفة. يحدد القادة الأهداف والمهام بشكل واضح وتكون مهمتهم الرئيسية هي خلق الالتزام وتحفيزه لدى العاملين وإبقائهم على علم بما يجري في المنظمة بشكل مستمر بدون معرفة بعضهم البعض. وعليه فإن القادة الافتراضيين يجب أن يتمتعوا بصفة العقلية المتفتحة والمرنة مع التركيز على الحلول وليس على المشاكل بذاتها. كما تكون لديهم قدرات اتصال عالية وقدرات تدريبية في مجال بناء العلاقات التي تعتبر أهم المهارات المطلوبة في هذا المجال. إن اختيار التكنولوجيا المناسبة وكيفية التعامل معها وتوظيفها بمقتضى طبيعة العمل هو مهمة أخرى من مهام القادة الافتراضيين.
إن القيادة في بيئة العمل الجديدة وضمن منظور القيادة الداعمة الخدماتية؛ نرى أن وجود العمل وتطوره مرتبط بالعاملين الذين يفترض أن يؤدوا أعمالهم بأفضل الصيغ بعد أن تتاح لهم الفرصة كاملة بذلك. حيث ينظر للقيادة بشكل مقلوب تدعم الآخرين المرؤوسين لأن المهمة الأساسية للقائد هي خدمة الآخرين والمنظمة. إن القيادة الخدماتية تنطلق في عملها من مستويين: الأول، إنجاز أهداف وحاجات المرؤوسين من أجل هدف أكبر هو تحقيق رسالة المنظمة ومبرر وجودها. والثاني، إعطاء معنى للأفكار وللقوة وللمعلومات وللإنجاز، وهنا فهم يقيمون الآخرين حقيقة ويشجعون المشاركة وتقاسم القوة والتكريس التام للجهود وإيقاظ قوى المرؤوسين على توليد الأفكار والإبداع والالتزام.
– القيادة النسائية Women Leadership
تشير أدبيات الإدارة الخاصة بموضوع القيادة إلى أن هناك أساليب قيادية نسائية لها خصوصيتها حيث أن نتائج بعض الدراسات تشير إلى أن الأداء وتقييمه من قبل الرؤساء أو النظراء أو المرؤوسين والخاص بالمديرات هو أفضل منه لدى المدراء الرجال خصوصًا في بعض القابليات الإدارية مثل القدرة على تحفيز الآخرين وتشجيع الاتصالات ومهارات الإصغاء أو الإنصات. وقد سمي هذا المدخل الخاص بالقيادة النسائية بالقيادة التفاعلية Interactive Leadership وهذا يعني أن القائد يفضل أسلوب الإجماع والعمل التعاوني ويؤثر في الآخرين من خلال العلاقات وليس بالقوة النابعة من الموقع الوظيفي أو السلطة الرسمية. إن هذا يعني أن الأسلوب ليس مقتصرا على النساء فقط بل أصبح مطلوبًا من كافة المدراء الرجال للنجاح في مكان العمل.