التطبيقات التربوية لنظرية ثورندايك (التعلم بالمحاولة والخطأ) د.عبدالقوي القدسي

يبني المتعلمون انطباعاتهم السلبية أو الإيجابية عن المدرسة /الجامعة أو معلميهم بناء على مبررات منطقية، ولا يمكن إجبار الطالب على تغيير نظرته السلبية إلا بتغيير الأسباب التي أدت إلى تكوين تلك الانطباعات. يرى البعض بأن تقييم المتعلمين لمعلميهم غير صادق، فلربما كانت صرامة المعلم أو نظام المدرسة الحازم هي السبب في تكوين انطباعات سلبية لدى البعض، ولكنني أخالف هذا الرأي، وأرى بأن أصدق تقييم للمعلم يكون من المتعلم، ولو تعاملنا مع المدرسة أو الجامعة كجهة تقدم خدمة فإن تلك الجهة تحرص بكل قوة على رضا المستفيدين أو بلغة التجار ( رضى الزبون)، ولا زلت أذْكرُ مقولة لأحد رجال العمال ولعلها صينية المنشأ، إذ يقول لعماله : ” الزبون دائماً على حق”.

بكل تأكيد، فإن الرضا التام أمر بعيد المنال، ولكن في المقابل يمكن البحث عن أسباب عدم الرضا والتعامل معها بإيجابية، ومحاولة توليد أفكار لكيفية تجاوز مشاعر المتعلمين السلبية، فالشعور بالملل لدى البعض ربما يولد لديه مشاعر الكُره للمدرسة، وهنا يمكن ابتكار وسائل وأنشطة تكسر مشاعر الملل والرتابة. كيف نُفسر انتظار التلاميذ لحصة أو محاضرة أحد المعلمين بفارغ الصبر ؟! وفي المقابل لماذا يصل البعض من المتعلمين إلى حالة الانطفاء وفقدان الرغبة بحضور بعض الحصص ؟!!

يرى ثورندايك [1]أن على المتعلم تحديد خصائص الأداء الجيد حتى يمكن تنظيم الممارسة، للتمكن من تشخيص الأخطاء؛ كي لا تتكرر و يصعب تعديلها فيما بعد ، لأن الممارسة تقوي الروابط الخاطئة كما تقوي الروابط الصحيحة، هذا ما نلمسه بالفعل عندما يحفظ الطالب آية قرآنية أو بيتاً من الشعر بطريقة خاطئة فإنه يصعب عليه تغيير الخطأ؛ لأنه قد كرر الخطأ مراراً حتى وصل إلى حفظه وتخزينه في الذاكرة. ولذا فإن ثورندايك يشير إلى ثلاث مسائل تؤثّر في استفادة المتعلم داخل الصف، وهذه المسائل الثلاث هي :

تحديد الروابط بين المثيرات و الاستجابات التي تتطلب التكوين أو التقوية أو الإضعاف.

تحديد الظروف التي تؤدي إلى الرضا أو الضيق عند التلاميذ .

استخدام الرضا أو الضيق في التحكم في سلوك التلاميذ.

المعلم الناجح هو الذي يجعل من حصته مصدر سعادة للمتعلمين، والمدرسة الناجحة هي التي تنظم برامجها وأيامها الدراسية على أساس إشباع حاجات المتعلمين وإرضائهم من خلال التنويع في الوسائل والأنشطة . يجب على المعلم تخطيط الحصة على أساس استثارة استجابات التلاميذ، وتعزيز الناجحة منها وتكرارها ومساعدتهم على تجاوز الاستجابات الفاشلة.

يمكن من خلال نظرية ثورندايك استخلاص الكثير من التطبيقات التربوية والتي من أهمها[2] :

  1. تحديد الروابط بين المثيرات والاستجابات التي تتطلب التكوين أو التقوية أو الإضعاف.
  2. تحديد الظروف التي تؤدي إلى الرضا أو عدم الرضا عند التلاميذ.
  3. استخدام الرضا أو الضيق في التحكم في سلوك التلاميذ.

على المعلم أن يأخذ بنظر الاعتبار ظروف الموقف التعليمي الذي يوجد فيه الطالب. أن يضع المعلم في اعتباره الاستجابة المرغوب وربطها بهذا الموقف . الأخذ بعين الاعتبار أن تكوين الروابط لايحدث بمعجزة؛ لأنه يحتاج الى جهد وإلى فترة يمارس فيها المتعلم هذه الاستجابة مرات عديدة . التركيز على التعلم القائم على الأداء وليس القائم على الإلقاء. التدرج في عملية التعليم من السهل إلى الصعب ومن الوحدات البسيطة إلى الأكثر تعقيدًا . إعطاء فرص كافية لممارسة المحاولة والخطأ مع عدم إغفال أثر الجزاء المتمثل في قانون الأثر لتحقيق السرعة في التعلم والفاعلية. التعلم عن طريق المحاولة والخطأ أفضل من معرفة الصواب مباشرة. الثواب يعزز العملية التعلمية والتعزيز الإيجابي بالكلمات التحفيزية أو إعطاء الهدية والمكافأة . على الرغم من أهمية نظرية ثورندايك في حدوث التعلم، إلا إن لها عيوباً يمكن الإشارة إلى بعضها، ومن أهمها:- اقتصار النظرية على الجانب السلوكي دون النظر إلى الجانب الانفعالي. قد تكون الإجابة الصحيحة ناتجة عن الصدفة وليست على الفهم. أهمل أو أنكر ثورندايك دور الفهم والتفكير في عملية التعلم حيث يرى أن التعلم يتم عن طريق ترابط آلي بين مثيرات تنقلها الأعصاب الحسية واستجابات ترد بها الأعصاب الحركية دون أن يكون للعمليات العقلية العليا الفهم، الاستبصار أى دور.

مناقشة نظريات التعلم – من وجهة نظري – يأتي في سياق البناء المعرفي للمعلمين والإدارات التربوية، فالخلفية النظرية مهمة في طريق التطبيقات العملية، ومن ناحية أخرى فإن هذه النظريات تنطلق من أسس نفسية، وهذا ما يؤكد ملازمتها للتعلم وبالتالي أهمية إلمام المعلم بقضايا علم النفس التربوي ليتخذ من الوسائل والأساليب ما يكفل في تحقيق الأهداف.

error: المحتوى محمي !!
X