د.عبدالقوي القدسي
رحل عام 2021. لقد كان بالنسبة لي عام التحولات والخطوات الاستثنائية. التخلص من رقِّ الوظيفة ليس أمراً عادياً وهو بحاجة إلى قرار شجاع، لقد اتخذنا القرار، وقررنا ولوج عالم الاستثمار. استثمرنا في العام 2021 برأس مالٍ لا محدود يتسع باتساع أفكارنا اللامحدودة. غرسنا وما نزال، وبدأنا نقطف الثمار. بدأنا في العام 2021 تحت شعار:” المشاريع العملاقة تبدأ بفكرة” ، بدأنا في ذات الوقت الذي أغلقت الكثير من الشركات أبوابها وأعلنت الإفلاس. بدأنا لنستمر، لا لنتوقف. تحولت الفكرة إلى واقع فبرزت (أكاديمية أفق بماليزيا) وحلقت في الفضاء الفسيح، واتخذت لها من الأفق البعيد وِجهة، نقشنا في مخيلتنا الشعار: ” الأفق البعيد وجهتنا”.
في العام 2021 انضمت إلى سجلاتنا الشخصية شخصيات مبدعة نعتزُّ بها، ونأمل أن يكون لها أدواراً كبيرة في العام التالي2022، ونُطَمْئن من كان ضمن سجلاتنا القديمة بأننا نحتفظ لهم بالود، ولمن مَسَّنا منهم الضر والأذى نقول: لا يوجد في قاموسنا متسع للكُره، ولا نتعامل بردات الفعل السلبية، ولا نواجه الإساءة بمثلها. لقد عملتني الحياة بأن الضربات لا تزيد الحديد إلا قوة، بل تصنع منه أشكالاً مختلفة أكثر نفعاً وأجمل شكلاً، وبالنار تُصقل المعادن، ويُعرف النفيس منها والرديء .
عام 2021 قضيناه في الغربة. لقد غادرتُ اليمن عام 2012، وأتممت سبع سنوات متتالية في ماليزيا منذ العام 2014. أكبر شيء يحزنني هو رؤية بلدي يغرق في وحل الفوضى، وجراحه ما تظل مفتوحة، وأرى كميات من الملح تصب على تلك الجراح المفتوحة، وكميات أخرى من الزيت تُصب على نار العداوات لتذكيها.. لقد اشتقت لعناق والدتي ووالدي الطاعنيَن في السن، اشتقت لأختي وإخواني ولأبنائهم والبنات، اشتقت للجيران القدامى وللأصدقاء، اشتقت لقريتي ولجميع البسطاء، ولحارتي في صنعاء وجيراني الأوفياء .. آمل أن يكون العام 2022 هو عام الانفراج ولقاء الأهل والأحباب .
برحيل 2021 يكون قد مضى من العمر 45 عامًا، وتلك الأعوام كانت حقلًا عظيماً ومساحة شاسعة لاكتساب خبرات الحياة، وللتأسيس لمرحلة جديدة أرجو أن تكون هي مرحلة جَنْي المحصول ونقل تلك الخبرات إلى الجيل الجديد المتحفز للإبداع.
تعلمت من عام 2021 جملة من الدروس، أهمها:
1- الحياة جملة من القرارات، فلتكن في الاتجاه الصحيح.
2- كن شجاعاً بما يكفي لتتحمل نتيجة قراراتك الشجاعة.
3- عندما تكون موظفاً، فهذا يعني بأنك تنفذ أفكار غيرك وليس أفكارك.
4- أقسى لحظات تمر في حياتي هي تلك اللحظات التي أضطر فيها لمخالفة ما أدعو إليه تنفيذاً لسياسة من أعمل لديه.
5- أفكارك الكبيرة، ليست مناسبة للمشاريع الصغيرة، فلا بد من التفصيل على المقاس.
6- الثقة الزائدة ببعض الأشخاص سذاجة.
7- قفص الوظيفة لا يسمح للصقر في التحليق عالياً.
8- سوء الظن أهم أسباب تدمير العلاقات بين الناس.
9- اسمع منِّي بالقدر الذي سمعت عني؛ لتكتمل لديك الرؤية ويتحقق التوازن.
10- الأحداث تكشف المعادن النفيسة من الرجال والنساء، يقال الرجال مواقف، وأضيف: النساء مواقف أيضاً.
رحلَ 2021 بسلبياته وإيجابياته، وبدأ 2022 وكلنا أمل أن يكون عاماً حافلاً بالإنجازات، وبهذه المناسبة أرفع القبعة لزميلاتي وزملائي ورفاق دربي في أكاديمية أفق بماليزيا، ولكل الأصدقاء الأوفياء الذين يُكنون لنا الحب ويدعون لنا بالتوفيق، ونمد أيدينا لكل المبدعين والمبدعات للانضمام إلى برامج أكاديمية أفق، ونعدهم بأن عام 2022 سيتضمن الكثير من المفاجئات التي تثبت بأنَّ الإرادة القوية والعزيمة والعمل بروح الفريق ووضوح الرؤية ودقة الرسالة هي منطلقات أساسية للنجاح، ورأس مالنا البشري في نمو وازدهار، وبهم نعتز ونفخر، ومن إبداع إلى إبداع.